المسكنات الأفيونية وتدبير الألم Opioid analgesics and the management of Pain
مقدمة : الألم وفهم الألم Entrance: Pain and pain perception
يعتبر الألم ظاهرة معقدة يتدخل فيها كلاً من النشاط العصبي الخاص باستقبال هذا الألم واستجابة المريض لهذا النشاط.
كما يعتبر إحساساً شخصياً يختلف من شخص لآخر.
قد يستمر الألم حتى يزول المسبب ( ألم ناتج عن تنبيه المستقبلات )
كما أنه قد يطول لفترة ما بعد زوال المسبب، وهذا ينجم عن تغيرات طرأت على مسارات السيالة العصبية اعتباراً من المستقبلات ( ألم عصبي المنشأ ).
تعتبر كلاً من مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية والمسكنات الأفيونية هي الأشكال الرئيسية من العقاقير المسكنة للألم.
وهي تعمل على مستويات مختلفة في ممرات نقل السيالة العصبية.
تتم مناقشة مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية في محاضرة مختلفة
تعريف المسكنات شبيهة الأفيون ( الأفيونية ) Definition of Opioid analgesics
أما الأفيونات فهذه المركبات تعمل على مستوى النخاع الشوكي وما يسمى بالجهاز الطرفي ( الجهاز الحوفي Limbic system ).
وبالتالي فإن تأثيرها يعتبر مركزياً. وتكون مساهمة العمل المحيطي في تسكين الألم في هذه الحالات خفيفة.
ويطلق على هذه المركبات ذلك الاسم اشتقاقاً من كلمة الأفيون والذي يستخلص من عصارة نبات الخشخاش.
ولم يعد من الموصى به استخدام مصطلحات من قبيل المسكنات المخدرة.
آليات التأثير Mechanism of action
ينتج الدماغ في الحالات الطبيعية العديد من البتيدات الداخلية شبيهة الأفيونية ( أي تشبه بتركيبها مادة الأفيون المخدرة )، والتي تعتبر بدورها نواقل عصبية.
تعمل هذه الببتيدات عبر ارتباطها بمستقبلات خاصة تسمى اختصاراً بالمستقبلات الأفيونية.
هناك توزع مميز لهذه الببتيدات شبيهة الأفيونية ضمن نواحي الـ CNS ولكنها تتركز بشكل كبير في الجهاز الحوفي وفي النخاع الشوكي، وهذا التوزع يشابه توزع المستقبلات الخاصة بها أيضاً.
وقد تم تمييز ثلاثة مجموعات رئيسية من المستقبلات الأفيونية تتواسط تأثيرات متميزة تختلف عن بعضها البعض. وقد تم تصنيفها إلى المجموعة µ ميو، المجموعة К كابا، المجموعة б دلتا.
تزيد الببتيدات الأفيونية داخلية المنشأ ( وكذلك العقاقير الأفيونية المنشطة المستقبلات الأفيونية والتي سيأتي الحديث عنها ) من استقطاب الخلايا الهدف جاعلة إياها أقل استجابة للإشارة النازعة للاستقطاب ( أي الإشارة الألمية ).
وبالتالي فإن تلك الخلايا تكبح بدورها التوتر العالي لبوابات أقنية الكالسيوم وتقلل من تحرير النواقل العصبية على مستواها.
تبدي العقاقير الأفيونية انتقائية تجاه المستقبلات كما هو الحال بالنسبة لمماثلاتها داخلية المنشأ.
وتستطيع القيام بتأثيرات منشطة أو مثبطة على تلك المستقبلات، ويمكن أن نصنفها تبعاً لطبيعة عملها إلى :
منشطات فقط : (تتميز بارتباط تام بالمستقبلات وقدرة تامة على الفعل) وهي تعمل بشكل أساسي على مستقبلات المجموعة µ وتتضمن العقاقير التالية
morphine
diamorphine
pethidine
codeine
dextropropoxyphen
ولهذه المجموعة تأثير ضعيف على مستقبلات المجموعة К و المجموعة б.
منشطات ومثبطات:حيث يمتلك الـ pentazocine تأثيراً منشطاً على مستقبلات المجموعة К وتأثيراً مثبطاً على مستقبلات µ.
منشطات و مثبطات ولكن بشكل جزئي : (تتميز بارتباط تام وقدرة جزئية) يمتلك عقار buprenorphine تأثير منشط جزئي على مستقبلات µ وتأثير مثبط جزئي على مستقبلات К.
مثبطات : لا يمتلك الـ naloxone خاصية مسكنة للألم. ويستخدم ضمن معالجة زيادة جرعة المورفين.
الاستخدام السريري والتأثيرات غير المرغوبة Clinical uses and unwanted effects
التأثيرات على الـ CNS
تسكين الألم
يعتبر التأثير المسكن الذي يحدثه المورفين أكثر فعالية في حالات الألم المزمن الحشوي.
وبالإضافة لتأثيراته المضادة للألم فإن المورفين يبدل من طبيعة الإحساس الألمي جاعلاً إياه أقل إزعاجاً للمريض.
إن تسكين الألم الذي تقوم به المورفينات لا يمتلك أية خواص مضادة للالتهاب.
يعود التأثير المسكن إجمالاً إلى تنشيط كامل للمستقبلات µ.( أي عقاقير المجموعة الأولى )
أما المنشطات الجزئية التي تعمل على المستقبلات µ ( المجموعة الثالثة ) فإن تأثيرها المسكن يعتبر أقل من التأثير الخاص بالمنشطات الكاملة.
النشوة
يترافق استخدام المورفين مع زيادة الشعور بالنشوة ( والمتواسط أيضاً بالمستقبلات µ ) وهذا يساهم أيضاً بشكل معتبر بتأثيرها المسكن.
الفتور التنفسي
تقل حساسية مركز التنفس للتحريض المحدث بثنائي أوكسيد الكربون نتيجة استخدام المورفين،
حيث يعتبر الفتور التنفسي سبباً رئيسياً للموت عند زيادة جرعة المورفين.
ولكن في بعض الأحيان فإن التأثير على معدل التنفس يعتبر مفيد سريرياً؛ فعلى سبيل المثال يريح الحقن الوريدي للمورفين من الزلة التنفسية التي تترافق مع وذمة الرئة الحادة.
كبح مركز السعال
تمتلك الأفيونات فعلاً مضاداً للسعال، حيث يعتبر كلاً من codeine dextropropoxyphen ذوا تأثير كابح للسعال بشكل كبير على الرغم من أن تسكينهما للألم ضعيف.
الإقياء
تحرض الأفيونات الإقياء لدى أكثر من ثلث الأشخاص
ولكن يمكن أن يحصل تحمل لدى هؤلاء عند تكرار الجرعة.
وعند استخدام الأفيونات القوية كالمورفين فإنها تعطى عادة بالمشاركة مع مضادات الإقياء.
انقباض الحدقة
يؤدي تحريض نواة العصب الثالث إلى تقبض حدقي ( بؤبؤي )
ويعتبر وجود الحدقة النقطية والسبات والتنفس البطيء علامات زيادة جرعة المورفين.
التأثيرات المحيطية
السبيل المعدي المعوي
يمكن لزيادة الضغط الصفراوي الناتجة عن التشنج الذي تحدثه الأفيونات على مصرّة أودي، أن يزيد من شدة المغص الصفراوي.
يمكن أن تؤدي اضطرابات المعدة إلى قلة الشهية، الغثيان، الإقياء.
تحصل زيادة في فعالية التقطيع ونقص في الحركات الحوية على مستوى الأمعاء الدقيقة والغليظة.
وبالتالي فإن إعطاء الأفيونات يترافق مع الإمساك، بحيث يحتاج أكثر من 80% من المرضى إلى الملينات
ولكن بنفس الوقت فإن ذلك يجعل من هذه العقاقير مفيدة أثناء علاج الإسهال.
الجهاز القلبي الوعائي
تتميز الأفيونات بتأثير بسيط على القلب والدوران
التحمل والاعتماد Tolerance and dependence
ينجم كل من التحمل والاعتماد عن تغيرات في وظيفة المستقبلات خلال الاستمرار المعالجة بالأفيونات.
بحيث يصبح من المطلوب جرعة أعلى من الدواء للحصول على نفس التأثير السابق ( وهذا ما يسمى بالتحمل ).
كما أن الامتناع عن تقديم الدواء في هذه المرحلة ( سحب الدواء ) يؤدي لتأثيرات فيزيولوجية معاكسة لما كان يقدمه، ويستمر ذلك حتى تحصل تغيرات تعويضية تعيد الحالة إلى طبيعتها ( وهذا ما يسمى بالاعتماد ).
التحمل
يحدث التحمل سريعاً لدى إعطاء الأفيونات بشكل مزمن.
كما تلاحظ لدى المرضى درجة عالية من التحمل المتصالب بالنسبة للعديد من الأفيونات؛ وبالتالي فإن الأشخاص الذين يطورون تحملاً تجاه عقار معين سوف يكون لديهم تحمل تجاه عقاقير أفيونية أخرى بطبيعة الحال.
ولكن لا تبدي كل الأفيونات تحملاً متصالباً.
الاعتماد
يظهر الاعتماد نفسه على شكل ما يسمى بمتلازمة الانسحاب، والتي يمكن أن تظهر في معظم الحالات عندما يوقف المريض أخذ عقار أفيوني كان يستخدمه بشكل خاطئ.
خلال 12 ساعة الأولى من بدء الانسحاب تكون التأثيرات التي تظهر على المريض ( مثل العصبية، التعرق، الرغبة الملحة للحصول على العقار ) نفسية إلى حد كبير ؛ لأنه يمكننا التخفيف منها بتقديم دواء وهمي للمريض.
أما بعد ذلك فتظهر آثار الاعتماد الفيزيولوجية الحقيقية مثل
- توسع الحدقة
- فقدان الشهية
- الضعف
- الاكتئاب
- القلق
- تشنجات في السبيل المعدي المعوي، وفي العضلات الهيكلية
- زيادة معدل التنفس
- حمى
- إسهال
- وغالباً ما يعطى الأشخاص المعتمدين على المورفين أو الهروين، عقار الـ methadone بدلاً عن المورفين أو الهروين، ثم يتم تخفيف جرعة هذا الأخير على عدة مراحل، بحيث يتحمل المريض الانسحاب من العقار فيما بعد بشكل كامل.
- كما يستخدم مركب الـ buprenorphine مؤخراً بدلاً عن الـ methadone لأن أعراض الانسحاب منه أخف حتى من الـ methadone.
الحركية الدوائية Pharmacokinetics
تتوفر معظم الأفيونات للاستخدام عن طريق الفم
كما أن البعض منها مثل المورفين والديامورفين يمكن أن تعطى عن طريق الوريد أو العضل أو تحت الجلد.
يعتبر الديامورفين أكثر انحلالاً من المورفين ويمكن أن يعطى بالتسريب تحت الجلدي باعتباره يمكن أن يحضَر بأحجام صغيرة.
كما يمكن أن يعطى المورفين أيضاً كتحاميل.
تتمتع بعض الأفيونات مثل المورفين بامتصاص ضئيل من الأمعاء وبالتالي فعندما لا يتم إعطاؤها فموياً يجب أن تقدم بجرعات خفيفة للحصول على نفس التأثير.
يتم انتزاع الأفيونات من الجسم عبر الاستقلاب الكبدي
ويتم طرحه كلوياً.
وتتمتع معظم المسكنات الأفيونية بنصف عمر قصير أو متوسط.
اقرأ الموضوع التالي : ضبط الألم Pain Control