قامت الدراسات باستخدام التقنيات الخاصة لتحديد موضع الجراثيم في حالات الانتان المعند و أخذ العينات دون تعرضها للتلوث ، اذ أن معرفة الموضع يسمح باختيار التقنية الأنسب للمعالجة رغم أن معرفة موضع هذه الجراثيم في كل حالة يعتبر أمرا مستحيلا لذا تعتبر المعلومات التي حصلنا عليها من خلال دراسة حالات مماثلة هامة جدا.
الانتانات داخل الجذر: إن الفحص بالمجهر الإلكتروني و الضوئي ،للمواد التي أدت إلى شفاء في الخزعات المأخوذة من الحالات الفاشلة عن طريق السيطرة على الجراثيم أثناء المعالجة اللبية ،وقد أكدت أن تلك الجراثيم يمكن أن تتواجد في الجزء الذروي من النظام القنيوي . كما يمكن للجراثيم أن تكون متوضعة في الفراغ الكائن بين حشوة القناة و الجدار القنيوي أو في الأقنية الجانبية في الجزء الذروي حيث يمكن أن تنجو هذه الجراثيم وان يصلها الإمداد الغذائي عن طريق السائل النسيجي المتدفق إلى القناة الجذرية من
المنطقة حول الذروية .وان بقاء الجراثيم في الجزء الذروي من القناة يجعلها محمية من بالعات المضيف وهذا غير ممكن في حال تواجد الجراثيم في النسج الذروية حيث تكون في مواجهة مباشرة مع أجهزة دفاع المضيف .وان قدرة الجراثيم على البقاء في هذا الموضع أكد على فرضية تجنب استخدام المضادات الجرثومية المستخدمة سابقا أثناء المعالجة و لذلك يجب اتخاذ القرار فيما إذا كان بالإمكان القضاء على هذه الجراثيم بإعادة المعالجة التقليدية . وفي العديد من الحالات يكون من المفيد تنفيذ إعادة المعالجة لأن نجاحها يتحقق في 74% من الحالات . ولكن حيث تكون إعادة المعالجة غير ممكنة أو أنها قد فشلت فان اختيار المعالجة يكون جراحيا.
إن التأكد من إنجاز المعالجة اللبية بدقة مع سيطرة مناسبة على الجراثيم يجعل الخيار الجراحي وحيدا من أجل استئصال الآفة حول الذروية بتجريفها و اقتطاع (3-1) ملم من ذروة الجذر وذلك كي يكون الإجراء ناجحا.
الانتانات خارج الجذر:
هنالك إجماع عام حول دور الجراثيم المتوضعة في النسج حول الذروية في إحداث الحالات الحادة المسببة للألم وفي تشكيل الخراجات أو جفاف الجيوب . ومن المثير للاهتمام أن الحالات المعندة على المعالجة اللبية التقليدية إما أن تكون ناجمة عن جراثيم معندة في القناة أو عائدة للجراثيم المتواجدة خارج الجذر . ففي السنوات الأخيرة حدثت عودة لمفهوم الجراثيم خارج الجذر كعامل مسبب للانتان المعند .
ولكن الاقتراح القائم حول الانتانات خارج الجذر تسبب الفشل يعتبر مثيرا للجدل لأن الادعاءات الأخيرة تدعم فكرة عدم تطبيق معلومات تم الحصول عليها منذ ما يزيد على 30 سنة من خلال الجمع بين التقنيات الجرثومية و النسيجية و المناعية في دراسة حالات سريرية مختارة . وان العديد من المشكلات التي يمكن أن تعترضنا يجب أن تكون مدروسة بشكل كاف وقد تعود هذه المسائل إلى الاختيار و الأسلوب و فهم النتائج.و بالرغم من الحرص الشديد على تعقيم المخاطية الفموية فانه من المستحيل تجنب تلويث ساحة العمل أثناء الجراحة حول الذروية .
إن العزل المتكرر للاهوائيات المخيرة في ساحة العمل يعتبر بشكل عام حالة تلوث توضح عدم اتباع القواعد الأساسية في التعقيم للتخلص من التلوث بالجراثيم .
إلى جانب تلويث العينة المأخوذة من المنطقة حول الذروية هناك مشكلة تجنب مدخل الجراثيم داخل الجذرية أثناء أخذ العينة . لذا فان الدراسات التي اعتمدت على اقتطاع ذروة الجذر ضمن العينة قد كانت موجودة داخل الجذر في المنطقة الذروية من القناة .
هناك العديد من المشكلات الأخرى التي يمكن أن تواجهنا أثناء اختيار الحالات فقد قامت بعض الدراسات بدراسة الجراثيم في الحالات المزمنة المأخوذة من مرضى ذوي أسنان مصابة مشاركة مع جفاف الجيوب أو من أسنان مصابة مع وجود مصدر آخر للانتان كالجيوب حول السنية التي لم تشفى.
ومنذ مدة تزيد عن نصف قرن مضى كتب kronfeld أن الورم الحبيبي ليس مكانا تعيش فيه الجراثيم و لكنه مكان تخرّب من خلاله الجراثيم فإذا كانت الجراثيم محددة تماما في الورم الحبيبي حول الذروي فان التساؤل الذي يجب أن يطرح هو أن هذه الجراثيم قد توضعت في هذا الموضع بسبب الانتان المعند أم أنها خرجت مؤخرا من القناة الجذرية قبل أن يتم القضاء عليها من قبل أجهزة الدفاع لدى المضيف . إن القاعدة الأساسية لأجهزة دفاع المضيف تعتمد على قتل الجراثيم وعلى البالعات وعلى إزالة الجراثيم التي تحتل فراغات الجسم و إن العديد من الجراثيم الفموية قد عرفت بقدرتها على تجنب أجهزة دفاع المضيف لفترة زمنية لا بأس بها . ولكن واحد فقط من الجراثيم الفموية لديه القدرة على النجاة و التوضع ضمن أنسجة المضيف ألا وهو actinomyces israelii وهذا ما تم إثباته من خلال الانتانات التجريبية . وان الآلية التي يعتمدها هذا الجرثوم ما تزال غير واضحة إلى جانب قدرته على بناء مستعمرة متماسكة مما يسمح لها مجتمعة بتفادي عملية البلعمة.
تعتبرa.israelii العامل الممرض الأولى المسبب للإصابة بالفطر الشعاعي(actinomycosis) الذي يعتبر بحد ذاته المسبب للانتانات المعندة في حالات فشل المعالجة اللبية . كما أن propioni bacterium propionicuim (المدعوة سابقا arachnia propionica)يمكن أن تؤدي إلى أمراض لا تختلف سريريا عما تسببه aisraelii كما أنها عزلت من النسج حول الذروية في الحالات التي لم تشفى بعد المعالجة اللبية.
المعالجة باستخدام الصادات الحيوية و الجراحية:
إن دور الصادات الحيوية في حالات الانتانات المعندة محدود إلى حد ما لأن معظم الانتانات المعندة تحدث بسبب الجراثيم المتوضعة داخل القناة الجذرية و التي يتم تدبرها بإعادة المعالجة اللبية . حتى في الحالات التي يكون فيها مصدر الانتان من خارج الجذر مسببا بـ a. Israeliiفان الصادات الحيوية ليست ذات فعالية محدودة ،ومن الملاحظ أن انتانات الفطر الشعاعي تستجيب بشكل ضعيف للمعالجة بالصادات الحيوية و تتطلب جرعات مديدة من 6أسابيع إلى عدة أشهر رغم الحساسية المسجلة لــ a. Israelii
في الاختبارات المخبرية للتراكيز المثبطة (mic). وان سبب التناقض الظاهر قد تم ّ تأكيده في الدراسات الأخيرة التي أظهرت القضاء على a. Israeliiباستخدام الصادات بمعدل بطيء جدا وهذا التعبير هو شكل خاص من مقاومة الصادات الحيوية تعرف بتحمل الصادات الحيوية .
وبما أن مدى قتل a. Israelii بالصادات الحيوية بطيء جدا و يستوجب فترات طويلة من المعالجة الكيميائية بالصادات لذا يجب استخدامها حيث تكون مفيدة .
في العديد من الأحداث يكون تدخل الانتان بالفطر الشعاعي مجهولا إلى أن تتم إجراء الجراحة حول الذروية وتؤخذ الخزعة مما يجعل تناول الصادات الحيوية بشكل مسبق علاجا غير ضروريا وان العلاج المثالي في هذه الحالة هو الجراحة التي تزيل السبب و يتم تأكيد ذلك مخبريا مما يحقق فرصة كبيرة للنجاح.
أما الشكل الكلاسيكي للفطر الشعاعي الذي يتميز بالانتشار الفضولي لــa. Israelii في النسج فهو الوحيد الذي لا يمكن السيطرة عليه بالجراحة و إنما بالاستخدام المديد للعلاج الكيميائي بالصادات الحيوية حيث تلعب دورا هاما في تدبير هذه الانتانات . ففي هذه الحالات تؤخذ جرعة الصادات و خاصة البنسيلين كخيار نوعي لمدة 6 أسابيع مع الانتباه إلى الاختلاطات الجهازية.
بالرغم من وجود استقطاب للمعالجة الجراحية إلا أن قيمتها انخفضت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة وهذا عائد للتطور في التقنيات المحافظة لمعالجة العديد من الحالات التي لم تكن قابلة للعلاج سابقا وفي الوقت الحالي يعتبر دور المعالجة الجراحية محددا بحالات الانتان المعندة ، وان مزايا الجراحة غي نثل هذه الحالات أكبر مما لو تمّ تطبيق المعالجة بالصادات الحيوية حيث تعطي الجراحة هنا قيمة تشخيصية أكبر حيث يكون العامل الممرض هنا غير محدد .
و أخيرا يمكن أن توجد أسباب أخرى تسبب الفشل كوجود كيس حقيقي أو كسر جذري حيث لا يمكن تحديدهما دون الجراحة و لا يستجيبان للعلاج بالصادات الحيوية .
وفي هذه الحالات تعتبر الجراحة خيارا جيدا للمعالجة حيث تمكننا من التشخيص و تزيل معظم العوامل المسببة للانتان المعند.