جهاز الفحص حول السني الـ Periotest
متنوعة وكثيرة هي الطرق والأساليب التي تستخدم في فحص مرضى الفم والأسنان ومنهم مرضى النسج حول السنيّة :منها ماهو معروف و شائع كالطرق السريرية (السبر وغيره) والشعاعية والنسيجية
ومنها ماهو أقل انتشاراً ولكن ليس بأقل أهمية وهي مجموعة الطرق والاختبارات الوظيفية وكثيرة أيضاً هي الأجهزة المستعملة لاجراء مثل هذه الاختبارات (ميكانيكية – كهربائية – الكترونية – ليزرية)
ومن هذه الأجهزة المبتكرة والتي تعتبر بحق أجهزة نوعية متميزة بامكاناتها التشخيصية :
جهاز الفحص حول السنّي الـ Periotest
إن عملية تقييم حالة الرباط السنّي صعبة للغاية:لتعذر فحصه بشكل مباشر، و باستخدام الطرق التقليدية لتحديد طبيعة و درجة الإصابة في الرباط،فعند استخدام القرْعِ على السن و الصورة الشعاعيّة أو الطريقة التقليدية لقياس الحركة السنّيّة نجد أنَّ العامل الشخصي يلعب دوراً لا بأس به، كما أنَّ خبرة الممارس ورأيه تتركان أثراً واضحاً على التقييم .
إنَّ تقييم الخواص الوظيفية للجهاز الداعم للسنّ من الأمور المهمّة في فحص النسج حول السنّيّة، لأنها تُعدُّ من المؤشرات الدّالة بشكل ما على التغيّرات المرضية الحاصلة في هذه النسج.
يكتسب هذا التقييم أهميّةً خاصةً عند البحث في فعالية المعالجات حول السنيّة المُجراة،كما يساعد في معرفة تأثير العوامل الإمراضية المختلفة ( منفردة أو مجتمعه ) في إحداث و تطور المرض حول السني.
لذلك فان دراسة و تقييم وظائف الرباط شغلت منذ القديم و تشغل حيزاً مهما ً لدى الباحثين. حيث اقتُرحت و صُمِّمت لهذا الغرض أجهزه كثيرة لقياس الحركة السنّيّة ( ميكانيكية- كهربائية – ليزرية – …… )
و لا تزال نظرة الباحثين إلى قدرة جهاز الـ Periotest في الكشف عن التغيرات البنيوية و التعبير عن حالة الجهاز الداعم للسن موضع نقاش .
وأجريت دراسات عديدة باستخدام هذا الجهاز هدفت إلى:
1- دراسة حالة النسج حول السنّيّة والتغيرات التي تطرأ عليها نتيجة للإصابات حول السنّيّة .
2- تقييم نجاح الغرسات السنّيّة.
3- رضوض الأسنان.
4- وفي حالات الإطباق المختلفة .
هل يُمكّن جهاز الـ Periotest من الحصول على معلوماتٍ ذات قيمةٍ تشخيصيةٍ تساهم في التعبير بموضوعية عن حالة الجهاز الداعم للسن، أم أن قدرته على ذلك ستبقى موضع نقاش أيضاً؟
تجرى سلسلة من الأبحاث للتحديد نستخدم فيها الـPT كأحد طرق التشخيص الوظيفي للرباط حول السني في حالات مرضية مختلفة. من هذه الأبحاث:
دراسة وظيفية لحالة الرباط حول السنّي باستخدام جهاز الـ Periotest في التهابات النسج الداعمة وتأثير المعالجات (غير الجراحية) حول السنّيّة عليها.
في هذه الدراسة تم إجراء اختبار وظيفي بالـ Periotest لـ (324) سناً لدى (54) مريضاً مصاباً بالتهاب نسج داعمة بدئي أومتوسط، منهم (18) إناث (36) ذكور. تراوحت أعمارهم بين 21 إلى 65 سنة.
خضع هؤلاء المرضى لفحص سريريٍ شاملٍ، ودوّنت جميع المعطيات في استمارات المشاهدة السريرية، وفق النموذج المعتمد في قسم أمراض النسيج الداعمة، وتضمنت على الأخص:
1- مُشعر اللويحةPlaque Index; PI-Loë & Silness.
2- المُشعر اللثوي Gingival Index; GI-Loë & Silness.
3 – عمق السبر Probing Depth; PD)).
4 – درجة فقد الارتباط البشري السريري (Clinical Attachment Loss , CAL) ،
استبعدت من فحوص الـ PT :
الأسنان الخاضعة لمعالجة لُبّية والمتوجة.
الأسنان التي تشكّل دعامات لجسور أو أجهزة صُنعيّة متحركة.
الأسنان التي خضعت أو مازالت تخضع لقوى تقويمية .
الأسنان المجاورة لمناطق الفقد السني.
حيث أثبتت دراسات سريرية سابقة تأثير مثل هذه الحالات على PTV(Periotest-Value) الأسنان المُختبرة زيادةً أو نقصاناً .اقتصرت الدراسة الوظيفية على الأسنان الستة الأمامية العلوية لكل مريض قبل وبعد (3) أشهر من المعالجة.
حيث أُخضِع مرضى البحث لخطّة معالجة شاملة (تضمّنت تعليم قواعد الصحة الفموية – وإجراءات المعالجة الميكانيكية الموضعية من تقليح وتسوية جذور بأدوات التقليح اليدوية وفوق الصوتية).
وأجريت المعالجة الميكانيكيّة المتقنة باستخدام الأدوات اليدوية: مجارف Gracey ذوات الأرقام 1/2، 3/4، 7/8، 11/12، أما جهاز التقليح الآلي فكان من نوع Suprasson P 5 Booster “SATELEC”.
وتمت متابعة المرضى خلال فترة البحث للتأكيد على الالتزام والمحافظة على صحة فموية جيدة ومتابعة التدابير المنزلية للسيطرة على اللويحة السنّيّة.
الجهاز ومبدأ عمله
الـ Periotest هو جهاز الكتروني لقياس الخواص التثبيتيّة والصفات الإخمادية للرباط حول السني. حيث يُصدم السن بصادم مُقاد الكترونياً بمعدل أربع صدمات في الثانية، ويولّد الصادم قوة محدودة وثابتة. يتوقف الصادم نتيجة لمقاومة السن للانزياح .
كلما كان التوقف أسرع كان ثبات السن أكبر وبالتالي مقاومته للانزياح أكبر.
وبالنتيجة فإن الـ PTV التي تظهر على الشاشة هي قيمة بيوفيزيائية ثابتة في الحالة الطبيعية، ووحدة قابلة للقياس وتكرار القياس لحالة الرباط.
تمَّ القياس بتوجيه الصادم المتوضع ضمن قبضة الجهاز مباشرة باتجاه وسط السطح الدهليزي لتاج السن وعلى بعد 0.5 إلى 2 مم على أن يكون أفقياً بالنسبة لسطح الأرض وعمودياً على المحور الطولي للسن ± 15 درجة.
تمت دراسة نتائج الاختبار بالـ Periotest بالاعتماد على جدول أُعدَّ من قبل مصمم الجهاز وأُرفق مع تعليمات الاستخدام، والذي يقسم قراءات الجهاز حسب الدرجات المعتمدة للتعبير عن الحركة السنّيّة.
وهذا الجدول يعتبر القيم بين (-08 و +09) معادلة للقيم الفيزيولوجية أي الطبيعية.
أما عملية إعادة التقييم السريري بعد الانتهاء من خطوات المعالجة الفعلية فلقد تمت بإعادة الفحص السريري وحساب قيم المشعرات آنفة الذكر (PI, GI, PD, CAL).
النتائج Results
أظهر الاختبار الوظيفي بالـ Periotest للأسنان الستة الأمامية العلوية ارتفاعاً ملحوظاً عن مستوى القيم الطبيعية (-8، +9 كما مرَّ آنفاً)، وهذا ما يشير إلى التراجع الكبير في المقدرة التثبيتيّة لأربطة هذه الأسنان .وكانت نسب القيم المُرتفعة مختلفة لكل من الأنياب والرباعيات والثنايا، فبالنسبة للأنياب العلوية (108) وجدت مرتفعة في 65 حالة، وللرباعيات في 98 وللثنايا في 102، أي أنَّه تمَّ تسجيل قيماً مرتفعة بالـ PTV لـ 265 سناً.
لوحظ أنَّ الارتفاع الأكبر للـ PTV سُجّل عندما كانت قيم مستوى الارتباط وعمق السبر مرتفعة، حيث كان متوسط قيم أعماق السبر PD أكبر من 2.9 مم، ودرجة فقد الارتباط CAL أكبر من 3.7 مم.
وفي الحالات الأخرى كانت قيم الـ PTV أعلى بقليل أو مساوية للقيم الطبيعية عندما كانت PD أصغر من 2.9 مم و CAL أصغر من 3.7 مم.
وعليه فإن:
المعالجة غير الجراحية مكّنت من تحسين الحالة السريرية للنسج حول السنّيّة، وهذا ما أشارت إليه قيم المُشعرات السريرية المستخدمة في البحث.
ويُظهر هذا الجدول المتوسط العام والانحراف المعياري لقيم هذه المشعرات عند المرضى موضوع البحث. وكما هو واضح من الجدول، فلقد انخفض متوسط قيم مشعر اللويحة إلى حدٍ مقبولٍ.
وتُظهِر المخططات البيانية الـ PTV للأسنان التي شملها البحث تحسناً جيداً وتراجعاً واضحاً لهذه القيم بعد المعالجة بالنسبة لمجموعة الأسنان الستة لكل مريض أو لمجموعات الأسنان منفردة .
شكل مخطط بياني لقيم الـ PTV قبل وبعد المعالجة للرباعية العلوية اليسرى ويظهر من المخطط أنَّ قيم الـ PT قبل المعالجة تراوحت بين ( 3-50)، وبعد المعالجة (3-38 ).
إنَّ التغيّرات في نتائج قياسات الـ PTV لمجموعة الأسنان التي شملها البحث تمت وفق المعايير التي اعتمدها بعض الباحثين، الذين اعتبروا انخفاض هذه القيم بمقدار خمس وحدات أو أكثر تحسناً في الأداء الوظيفي للسن. ولدى مراقبة نتائج 265 سناً كانت قيم الـ PTV عندها أعلى من الطبيعي، عادت وانخفضت بعد المعالجة لـ 148 سناً بمعدل أكثر من خمس درجات أي بنسبة مقدارها 55.6%.
أي أنَّ انخفاض قيم الـ PTV لهذه الأسنان بقي أعلى من الطبيعي ولو أنّها تراجعت عن القيم الأوليّة.
وهذا يعني أنَّ المعالجة حول السنّيّة لهذه المجموعة من الأسنان والتي سجّل فيها PD و CAL قيماً مرتفعة حققت تراجعاً في عمق السبر وكسباً في مستوى الارتباط كافيين لتحسين قدرة النُسج حول
السنّيّة على مقاومة الإجهادات الوظيفية.
أمّا بالنسبة لمجموعة الأسنان التي سجّل فيها متوسط الـ PD و CAL قيماً منخفضة (PD أقل من 2.9 ، و CAL أقل من 3.7) فإنَّ الإجراءات العلاجية ساهمت في إعادة الـ PTV إلى المجال الطبيعي.
وعليه فإنَّ:
الإجراءات العلاجيّة في المراحل الأولى للإصابات حول السنّية أدت إلى تحقيق نتائج إيجابيّة، تمثلت في تحسين الأداء الوظيفي للأسنان المصابة. ومن هنا تأتي أهمية التشخيص المبكّر للإصابات حول السنّيّة.
إنَّ تحقيق نتائج سريرية (إنقاص عمق السبر، الكسب في مستوى الارتباط) جيّدة بفعل المعالجة وإنْ أسهم بخفض ألـ PTV إلا أنَّ هذا الانخفاض لم يتناسب طرداً مع التحسّن السريري.
ويمكن تفسير ذلك بوجود عوامل كثيرة أخرى توثر على الحالة الوظيفيّة للرباط (وضع الأسنان في الإطباق- العمر- طول الجذر- مساحة الدعم العظمي المتبقي …..).
ومن جهة أخرى فإنّ الـ PTV لكل سن تتعلق بالمقدرة التثبيتية للجهاز الداعم له. وهي قيمة قابلة للقياس، وتتأثر بالتغيرات المرضية في النسج حول السنّيّة، وتتعلّق بقابليّته للحركة. لكنها ليست نتيجة لقياس تقليدي للحركة السنّيّة.
إنَّ Periotest هو أحد أجهزة الاختبار الوظيفي للصفات الإخمادية للقوى التي يتعرض لها الرباط، وهذه القياسات دقيقة وحساسة وتعطي قراءات اتوماتيكية يمكن أن نصفها بأنّها موضوعية.
ويسمح استخدامه بتقليل الإزعاج بالتعرض للأشعّة ومتابعة إجراءات المعالجة والوقاية، ويتميز بسهولة الأداء وإمكانية تجنب الخطأ في القياس وتقليل أثر العامل الشخصي.
وبذلك:
يظهر البحث إمكانية الاستخدام الواسع لهذا الجهاز في تقييم و مراقبة الحالة الوظيفية للجهاز الداعم للسن وتأثرها بالعوامل الإمراضية المختلفة.
يؤكد البحث من خلال نتائجه أنَّ التحسّن السريري الذي طرأ على حالة النسج حول السنّيّة نتيجة للمعالجة أنعكس إيجاباً على الحالة الوظيفية، وظهر ذلك من خلال انخفاض الـ PTV.
يبين البحث الضرورة والحاجة إلى متابعة الدراسات والاختبارات الوظيفيّة للرباط حول السنّي في حالات مرضيّة مختلفة.
العبرة ليست في امتلاك الجهاز , فليس كل من أمسك قلماً أصبح كاتباً , ولا مشرطاً أو مبضعاً فأصبح جراحاً . الأصل هو في امتلاك المقدرة على تأويل وتفسير قراء ات الجهاز.
د.هاشم داوود