إن السيطرة على الجراثيم في القناة الجذرية يمكن أن يبدو أكثر سهولة كون أن عددا كبيرا من جراثيم الفلورا الفموية حساسة للأوكسجين. ومع ذلك فان إدخال الأوكسجين إلى داخل القناة الجذرية أثناء المعالجة لا يبدي تأثيرا هاما على الجراثيم وهذا يعود لاحتماء الجراثيم في تعرجات و فروع النظام القنيوي وفي الأقنية العاجية.و بالتالي يكفي بقاء عدد قليل من الخلايا حية بعد إغلاق القناة لتعود أعداد اللاهوائيات بالتزايد. إن جراثيم الفلورا في القناة الجذرية يجب أن تزال بشكل جاد و ذلك بالمشاركة بين طرق المعالجة الفيزيائية و الكيميائية.
على الرغم أن الأمر الأكثر أهمية في التحضير القنيوي هو وبدون شك الإزالة التامة للجراثيم و البقايا اللبية و الفضلات كذلك فان تشكيل القناة الجذرية بما يلائم مادة الحشو يعتبر أمرا مهما.
لقد كتب الكثير في مجال التحضير القنيوي بهدف الوصول إلى الشكل المستدق الذي يسهل تنظيف الأجزاء الذروية و يحفظ الثقبة الذروية من التحضير الزائد و تزيد القدرة على سد القناة بمادة الحشو .
يتألف التحضير القنيوي من مرحلتين رئيستين:التنضير اليدوي و الآلي و التطهير الكيميائي من خلال الغسل و الارواء و تطبيق الضمادات المضادة للجراثيم. إن التأثيرات النسبية لهذه الإجراءات قد درست في سلسلة من الأبحاث استخدمت تقنيات جرثومية متطورة كذلك فان التأثير المطهر للتحضير الآلي قد درس نسيجيا و بشكل منتظم و بواسطة المجهر الإلكتروني الماسح و بتحليل مظهر جدران القناة الجذرية قبل وبعد التحضير.
أولا:التنضير اليدوي:
إن تحضير الأقنية الجذرية بالمبارد اليدوية بوجود محلول ملحي يعتبر مؤثرا في تنظيف القناة الجذرية إلى حد ما فقط.
أظهرت الدراسات الأولية التي لم تعتمد على استعمال الغسولات المطهرة و المضادة للعفونة و للانتان أن ((20-30%من الأقنية الجذرية المصابة بالانتان أعطت في البداية نتائج زرع سلبية في نهاية الجلسة الأولى.و تعتبر هذه الدراسات ذات قيمة محددة كونها أنجزت بمضادات جراثيم غير مناسبة للقضاء على اللاهوائيات.
أظهرت الدراسة التي أجريت مع تطبيق تقنيات مضادة للهوائيات أن عدد الجراثيم يمكن أن ينقص بشكل كبير و لكن ليس للحد الذي يعطي نتائج زرع سلبية في نهاية الجلسة الأولى.
إن العدد الأولي للخلايا الجرثومية في الأقنية الجذرية المصابة
بالانتان يتأرجح بين(2^10) إلى أكثر من ( 8^10 ).
إن التحضير اليدوي بوجود (6-10)مل من محلول ملحي في كل قناة يمكن أن ينقص عدد الجراثيم في الأقنية الجذرية المصابة بالانتان بمقدار(100 1000)ضعف . ومع تكرار استعمال الأدوات في مواعيد متعاقبة سيكون من الممكن القضاء على الجراثيم و هذا فقط في الأقنية الجذرية التي تحوي عددا قليلا نسبيا من الجراثيم منذ البداية وليس هناك دليل على أن جراثيم معينة قد أحدثت الانتان الحالي بعد التحضير الميكانيكي. قلما يعتبر البرد المتكرر في جلسات متعددة علاجا فعالا و خاصة عندما يستثنى أهمية دعم التنظيف الآلي للأقنية مع المحاليل المضادة للجراثيم.
إن الدراسة المجراة باستخدام المجهر الإلكتروني الماسح للأقنية المحضرة يدويا باستخدام محلول ارواء ملحي قد أظهرت زوال الفضلات من الثلثين العلوي و المتوسط للقناة الجذرية . إن البرد بالأدوات اللبية نقل و سحل المركبات السطحية(العضوية و اللاعضوية) للعاج القنيوي وخلق طبقة لطاخة غير متبلورة(غير محددة الشكل) على جدران القناة وهذه الطبقة لا تتأثر بالغسل و الارواء بمحلول ملحي.
ثانيا : التنضير الآلي:
أصبح من الموصى به استخدام الأدوات المدارة آليا لأنها تجعل تحضير الأقنية أسرع و أقل مللا من التحضير اليدوي. كما أن التقنيات الآلية تمنح القناة الجذرية تنضيرا حقيقيا ذو فعالية كبيرة وهنا يجب التفريق بين تحضير الثلثين التاجيين و الثلث الذروي بالأدوات الدوارة.فيمكن أن تعمل هذه الأدوات على دفع الفضلات بالاتجاه الذروي وأن تجعل الأقنية المنحنية مستقيمة أو أن تعمل على خلق درجات وأن لا تقوم بتنضير القناة بشكل جيد. وان ظهور مواد حديثة مثل النيكل تيتانيوم من أجل الأدوات الدوارة أكد على إمكانية تحضير الأقنية المنحنية فهذه المعادن التي اعتمدت مبدأ المرونة قللت من إمكانية حدوث الدرجات أو الانثقابات.
مع إن العمل بالأدوات الدوارة بالقرب من الثقبة الذروية يعتبر أمرا يحتمل حدوث العديد من الاختلاطات فان هذه الأدوات تعتبر آمنة حقا في الأجزاء المستقيمة من القناة.
إن العمل الذي يمكن أن تصله هذه الأدوات بأمان داخل القناة يعتمد بشكل كبير على شكل الجذر و غالبا لا يتعدى هذا العمق نصف أو ثلثي القناة التاجيين.فالمزايا هنا أكثر من حيث الفعالية و توفير الوقت و انخفاض نسبة حدوث الاختلاطات.
كما أن استعمال الأدوات الدوارة كسنابل غيتس غليدن يعطي القناة الجذرية الشكل المستدق المطلوب.
ثالثاً: التنضير بالأمواج الصوتية و فوق الصوتية:
إن الأمواج فوق الصوتية عبارة عن طاقة صوتية بتواتر أعلى من الحد الذي يمكن للإنسان سماعه(>20)كيلوهيرتز.
يتراوح مجال أجهزة الأمواج فوق الصوتية المستخدمة في طب الأسنان (20-50%)كيلوهيرتز و تستخدم هذه بشكل رئيسي في المناطق حول السنية كأدوات إزالة القلح عن السطوح الجذرية.ولكن كيّفت هذه الأدوات لتستخدم في المعالجة اللبية أيضا.
يتم توليد هذه الأمواج بتحويل الطاقة الكهرطيسية أو بطاقة ناجمة عن الذبذبة الكهربائية و بالتالي تأمين حركة مذبذبة للمبرد غالبا ما تكون هذه الأدوات مزودة بنظام ارواء يعمل على إيصال الماء أو أي محلول ارواء آخر مثل هيبوكلوريت الصوديوم إلى ساحة العمل. أما الأدوات التي تعمل بالأمواج الصوتية فإنها تعمل على إحداث ذبذبة ضمن المجال السمعي(<20) كيلوهيرتز. وبشكل مغاير للأدوات فوق الصوتية فإن الأدوات الصوتية تقوم على تمرير الهواء المضغوط عبر القطعة اليدوية لتوليد ذبذبة في الرأس العامل.
هناك تقنيتين تعتمدهما أجهزة الأمواج فوق الصوتية لتنظيف القناة و القضاء على الجراثيم.
أولاً: التجويف أو التكهف هو عبارة عن حركة ذبذبة لفقاعات مليئة بالهواء في الحقل الصوتي حيث تقوم هذه الفقاعات الموجودة في حقل الأمواج فوق الصوتية بتحويل ذبذبتها إلى طاقة حرارية و حقول فعالة يمكن أن تعطل النسج الحيوية. لقد ظنّ سابقا أن هذا التكهف إنما يتولد بحركة المبرد ضمن سائل الأرواء وكان هذا الفعل هو الأساسي و المفيد لأدوات الأمواج فوق الصوتية المستعملة في المعالجة اللبية ولكن تمّ الكشف حديثا أن التكهف لا يلعب أي دور مهم في التنضير عند استعمال الأجهزة فوق الصوتية في الأقنية الجذرية.
ثانياً: الانسياب الصوتي فعندما يتذبذب السلك بمدى قليل نسبيا فانه يغمر بالسائل بحيث يظهر هذا الانسياب بالقرب من السلك. إن المواد الحيوية التي تدخل في حقل الانسياب ستواجه جهودا فعّالة قوية يمكن أن تؤذيها. بالإضافة إلى ذلك فان الانسيابات الصوتية الدقيقة المتولدة بالمبرد المتذبذب يمكن أن تعزز فعالية محلول الارواء بتحريكه بشكل متواصل ضمن القناة و أن تساعد على فصل الجراثيم عن جدران القناة و إزالة الفضلات.
لقد ظنّ لفترة طويلة أن الانسياب الصوتي مهم و تمّ التأكيد حديثا أن الانسياب الصوتي هذا مسؤول عن العديد من التأثيرات المنسوبة لاستخدام الأمواج فوق الصوتية.
هناك خلاف حول فعالية الأمواج فوق الصوتية في إزالة طبقة اللطاخة و الفضلات من القناة ومع أن الأدوات التي تعمل وفق مبدأ الأمواج فوق الصوتية قد صممت لتنظيف الأقنية الجذرية و إزالة طبقة اللطاخة بشكل أكثر فعالية من الطرق التقليدية اليدوية،إلا أنه تبين لبعض الدراسات أن هذه الأدوات ذات فعالية متوسطة أو ضعيفة تجاه إزالة طبقة اللطاخة وأنها ذات فعالية غير واضحة تجاه إزالة طبقة اللطاخة وأنها ذات فعالية غير واضحة تجاه إزالة الفضلات أيضا. وأظهرت بعض التسجيلات أن الأمواج فوق الصوتية قد عززت قدرة هيبوكلوريت الصوديوم على حلّ المواد العضوية في القناة الجذرية،في حين وجد آخرون أنه لا فرق في كمية الفضلات في القناة حين استخدمت الأدوات اليدوية أو حين تطبيق المعالجة بالأمواج فوق الصوتية .ولكن بعضهم أظهر وجود اختلاف إذا ما تمّ النظر إلى المستوى الذي تمّ الوصول إليه في القناة الجذرية و إلى القدرة على تنظيفه.إذ تبدو الأمواج فوق الصوتية فعالة في الأجزاء التاجية و المتوسطة من القناة في حين لم يكن لها أي تأثير على طبقة اللطاخة و الفضلات في الجزء الذروي من القناة وربما يعود ذلك لتماس المبرد مع جدان القناة في الأجزاء التاجية و المتوسطة من القناة و حصره من قبل جدران القناة في الجزء الذروي بسبب الرطوبة التي تمتص معظم الطاقة المنتقلة.
أظهرت الأمواج فوق الصوتية قدرتها على تعزيز فعالية مضادات الجراثيم المستخدمة في ارواء الأقنية الجذرية المصابة بالانتان فقد عملت على تكثيف القدرة المضادة للانتان لمحلول هيبوكلوريت الصوديوم.
أظهرت عينات الأحياء الدقيقة المأخوذة من حالات سريرية أنه بإمكان الأمواج فوق الصوتية القضاء على الجراثيم في الأقنية الجذرية بشكل أكثر فعالية من الأدوات اليدوية وحدها وان وجود محلول هيبوكلوريت الصوديوم (0.5%) مع الأمواج فوق الصوتية جعل 70% من العينات المأخوذة من الأقنية خالية من الجراثيم مع نهاية الجلسة الأولى.
لم تكن الأجهزة الصوتية أكثر فعالية في القضاء على الجراثيم في الأقنية الجذرية من الأدوات اليدوية ولم يسّجل أي اختلاف كذلك في إزالة طبقة اللطاخة أو إزالة الفضلات.
ولم تجر أبحاث و دراسات سريرية كافية لتكوين رأي حقيقي حول الأجهزة الصوتية.
الخلاصة: من الظاهر أن الأجهزة فوق الصوتية تمنح مزايا محدودة بالنسبة للأدوات التقليدية اليدوية و الآلية في مجال تنضير الأقنية. ولكن يمكن للأجهزة فوق الصوتية أن تنقص من طبقة اللطاخة وأن تكثف الفعالية المضادة للجراثيم لمحلول هيبوكلوريت الصوديوم وبشكل خاص عندما تستعمل بشكل سلبي أي عندما يمسك المبرد المتذبذب بعيدا عن جدران القناة. لذا فان استعمال أدوات الأمواج فوق الصوتية من أجل تحضير فعّال لجدران القناة الجذرية لا يوصى به طالما أن أي فعل مفيد لهذه الأدوات يمكن خسارته إذا ما حصرت الأداة بجدران القناة عند التماس وبالتالي تزداد الفرصة لتشكيل درجة أو انثقاب خاصة في الأقنية الضيقة و المنحنية.